سورة النمل - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


قوله تعالى: {طس تِلْكَ ءَايَاتُ الْقُرْءانِ} أي هذه آيات القرآن
{وَكِتَابٍ مُّبِينٍ} أي وآيات الكتاب المبين، والكتاب هو القرآن، فجمع له بَيْنَ الصفتين بأنه قرآن وأنه كتاب لأنه ما يظهر بالكتابة ويظهر بالقراءة.
{مُّبِينٍ} لأنه يبين فيه نهيه وأمره، وحلاله وحرامه، ووعده ووعيده
وفي المضمر في {تِلْكَ ءَايَاتُ الْقُرْءانِ} وجهان:
أحدهما: أنه يعود إلى الحروف التي في {طس} قاله الفراء.
الثاني: إلى جميع السورة.
{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} فيه وجهان
أحدهما: هدى إلى الجنة وبشرى بالثواب، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: هدى من الضلالة وبشرى بالجنة، قاله الشعبي.
قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةِ} يعني المفروضة، وفي إقامتها وجهان:
أحدهما: استيفاء فروضها وسنتها، قاله ابن عباس.
الثاني: المحافظة على مواقيتها، قاله قتادة.
{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} فيها أربعة أقاويل
أحدها: أنها زكاة المال، قاله عكرمة، وقتادة والحسن.
الثاني: أنها زكاة الفطر؛ قاله الحارث العكلي.
الثالث: أنها طاعة الله والإخلاص، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
الرابع: أنها تطهير أجسادهم من دنس المعاصي.
قوله تعالى: {فَهُمْ يَعْمَهُونَ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: يترددون، قاله ابن عباس، ومجاهد.
الثاني: يتمادون، قاله أبو العالية، وأبو مالك، والربيع بن أنس.
الثالث: يلعبون، قاله قتادة، والأعمش.
الرابع: يتحيرون، قاله الحسن، ومنه قول الراجز:
ومهمه أطرافه في مهمة *** أعمى الهدى بالجاهلين العمه
قوله تعالى: {وَإِنََّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءَانَ} فيه أربعة تأويلات
أحدها: لتأخذ القرآن، قاله قتادة.
الثاني: لتوفى القرآن، قاله السدي.
الثالث: لتلقن القرآن، قاله ابن بحر.
ويحتمل رابعاً: لتقبل القرآن، لأنه أوّل من يلقاه عند نزوله.
{مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَليمٍ} أي من عند حكيم في أمره، عليم بخلقه


قوله تعالى: {إِنِّي ءَانَسْتُ نَاراً} فيه وجهان
أحدهما: رأيت ناراً، قاله أبو عبيدة ومنه سمي الإنساء إنساً لأنهم مرئيون.
الثاني: أحسست ناراً، قاله قتادة، والإيناس: الإحساس من جهة يؤنس بها.
{سَئَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ} فيه وجهان
أحدهما: سأخبركم عنها بعلم، قاله ابن شجرة.
الثاني: بخبر الطريق، لأنه قد كان ضل الطريق، قاله ابن عباس.
{أَوْ ءَاتِيكُم بِشهَابٍ قَبَسٍ} والشهاب الشعاع المضي، ومنه قيل للكوكب الذي يمر ضوؤه في السماء شهاب، قال الشاعر:
في كفِّهِ صعدة مثقفة *** فيها سنان كشعلة القبسِ
والقبس هو القطعة من النار، ومنه اقتبست النارَ، أخذت منها قطعة، واقتبست منه علماً إذا أخذت منه علماً، لأنك تستضيء به كما تستضيء بالنار.
{لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} أي لكي تصطلون من البرد، قال قتادة: وكان شتاء
قوله تعالى {فَلَمَّا جَاءَهَا} يعني ظن أنها نار، وهي نور، قال وهب بن منبه: فلما رأى موسى وقف قريباً منها فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرماً وعظماً، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً، فعجب منها ودنا وأهوى إليها بضغث في يده ليقتبس منها، فمالت إليه فخافها فتأخر عنها، ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضع أمْرها على أنها مأمورة ولا يدري ما أمرها، إلى أن:
{نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}.
وفي {بُورِكَ} ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني قُدِّس، قاله ابن عباس.
الثاني: تبارك، حكاه النقاش.
الثالث: البركة في النار، حكاه ابن شجرة، وأنشد لعبد الله بن الزبير:
فبورك في بنيك وفي بنيهم *** إذا ذكروا ونحن لك الفداء
وفي النار وجهان
أحدهما: أنها نار فيها نور.
الثاني: أنها نور ليس فيها نار، وهو قول الجمهور.
وفي {بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} خمسة أقاويل:
أحدها: بوركت النار، و{مَن} زيادة، وهي في مصحف أُبي: {بُورِكَتِ النَّارُ وَمَن حَوْلَهَا} قاله مجاهد.
الثاني: بورك النور الذي في النار، قاله ابن عيسى.
الثالث: بورك الله الذي في النور، قاله عكرمة، وابن جبير.
الرابع: أنهم الملائكة، قاله السدي.
الخامس: الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق.
وفي قوله: {وَمَن حَوْلَهَا} وجهان:
أحدهما: الملائكة، قاله ابن عباس.
الثاني: موسى، قالها أبو صخر.
{وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فيه وجهان
أحدهما: أن موسى قال حين فرغ من سماع النداء من قوله الله: {سبْحَانِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} استعانة بالله وتنزيهاً له، قاله السدي.
الثاني: أن هذا من قول الله ومعناه: وبورك فيمن يسبح الله رب العالمين، حكاه ابن شجرة. ويكون هذا من جملة الكلام الذي نودي به موسى.
وفي ذلك الكلام قولان:
أحدهما: أنه كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وهو قول السدي. قال وهب بن منبه: ثم لم يمس موسى امرأة بعدما كلمه ربه.
والثاني: أن الله خلق في الشجرة كلاماً خرج منها حتى سمعه موسى، حكاه النقاش.
قوله تعالى: {وَأَلْقِ عَصَاكَ} قال وهب: ظن موسى أن الله أمره برفضها فرفضها.
{فَلَمَا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ} فيه وجهان
أحدهما: أن الجان الحية الصغيرة، سميت بذلك لاجتنانها واستتارها.
والثاني: أنه أراد بالجان الشيطان من الجن، لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشيطان، كما قال تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65]. وقد كان انقلاب العصا إلى أعظم الحيات لا إلى أصغرها، كما قال تعالى: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعراف: 107] و[الشعراء: 33].
قال عبد الله بن عباس: وكانت العصا قد أعطاه إياها ملك من الملائكة حين توجه إلى مَدْيَن وكان اسمها: ما شاء، قال ابن جبير: وكانت من عوسج.
{وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: ولم يرجع، قاله مجاهد، قال قطرب: مأخوذ من العقب.
الثاني: ولم ينتظر، قاله السدي.
الثالث: ولم يلتفت، قاله قتادة.
ويحتمل رابعاً: أن يكون معناه أنه بقي ولم يمش، لأنه في المشيء معقب لابتدائه بوضع عقبة قبل قدمه.
قوله تعالى: {إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} قيل إنه أراد في الموضع الذي يوحى فيه إليهم، ولا فالمرسلون من الله أخوف.
{إلاَّ مَن ظَلَمَ} فيه وجهان
أحدهما: أنه أراد من غير المسلمين لأن الأنبياء لا يكون منهم الظلم، ويكون منهم هذا الاستثناء المنقطع.
الوجه الثاني: أن الاستثناء يرجع إلى المرسلين.
وفيه على هذا وجهان:
أحدهما: فيما كان منهم قبل النبوة كالذي كان من موسى في قتل القبطي، فأما بعد النبوة فهم معصومون من الكبائر والصغائر جميعاً.
الوجه الثاني: بعد النبوة فإنه معصومون فيها مع وجود الصغائر منهم، غير أن الله لطف بهم في توفيقهم للتوبة منها، وهو معنى قوله تعالى:
{ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ} يعني توبة بعد سيئة
{فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي غفور لذنبهم، رحيم بقبول توبتهم


قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} فيه ستة أوجه
أحدها: فهماً، قاله قتادة.
الثاني: صنعة الكيمياء وهو شاذ.
الثالث: فصل القضاء.
الرابع: علم الدين.
الخامس: منطق الطير.
السادس: بسم الله الرحمن الرحيم.
{وَقَالاَ الْحَمْدُ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} وحمدهما لله شكراً على نعمه.
وفيما فضلهما به على كثير من عباده المؤمنين ثلاثة أقاويل:
أحدها: بالنبوة.
الثاني: بالملك.
الثالث: بالنبوة والعلم.
قوله تعالى: {ووَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: ورث نبوته وملكه، قاله قتادة، قال الكلبي: وكان لداود تسعة عشر ولداً ذكراً وإنما خص سليمان بوراثتة لأنها وراثة نبوة وملك، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء.
الثاني: أن سخر له الشياطين والرياح، قاله الربيع.
الثالث: أن داود استخلفه في حياته على بني إسرائيل وكانت ولايته هي الوراثة وهو قول الضحاك، ومنه قيل: العلماء ورثة الأنبياء، لأنهم في الدين مقام الأنبياء.
قوله تعالى: {فَهُمُ يُوزَعُونَ} فيه ستة أوجه:
أحدها: يساقون، وهو قول ابن زيد.
الثاني: يدفعون، قاله الحسن، قال اليزيدي: تدفع أخراهم وتوقف أولاهم.
الثالث: يسحبون، قاله المبرِّد.
الرابع: يجمعون.
الخامس: يسجنون، قال الشاعر:
لسان الفتى سبع عليه سداته *** وإلا يزع من عَرْبه فهو قاتله
وما الجهل إلا منطق متسرع *** سواءٌ عليه حق أمرٍ وباطله
السادس: يمنعون، مأخوذ من وزعه عن الظلم، وهو منعه عنه، ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ما وزع الله بالسلطان أكبر مما وزع بالقرآن. وقال النابغة:
على حين عاتبتُ المشيبَ على الصبا *** وقلت ألما تصدع والشيب وازعُ
والمراد بهذا المنع ما قاله قتادة: أن يُرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} قال قتادة: ذكر لنا أنه وادٍ بأرض الشام. وقال كعب: وهو بالطائف.
{قَالَتْ نَمَلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُم} قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها، ولولا ذلك، ما علمه.
{لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} أي لا يهلكنكم
{وَهُمُ لاَ يَشعُرُونَ} فيه وجهان
أحدهما: والنمل لا يشعرون بسليمان وجنوده، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: وسليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل، وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها، وقيل إن النمل أكثر جنسه حساً لأنه إذا التقط الحبة من الحنطة والشعير للادخار قطعها اثنين لئلا تنبت، وإن كانت كزبرة قطعها أربع قطع {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} فحكي أن الريح أطارت كلامها إلى سليمان حتى سمع قولها من ثلاثة أميال فانتهى إليها وهي تأمر النمل بالمغادرة.
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: أنه تبسم من حذرها بالمغادرة.
الثاني: أنه تبسم من ثنائها عليه.
الثالث: أنه تبسم من استبقائها للنمل.
قال ابن عباس: فوقف سليمان بجنوده حتى دخل النمل مساكنه.
{وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: ألهمني، قاله قتادة.
الثاني: اجعلني، قاله ابن عباس.
الثالث: حرضني، قاله ابن زيد فحكى سفيان أن رجلاً من الحرس قال لسليمان، أنا بمقدرتي أشكر لله منك، قال فخرّ سليمان عن فرسه ساجداً.
وفي سبب شكره قولان:
أحدهما: أن علم منطق الطيرحتى فهم قولها.
الثاني: أن حملت الريح قولها إليه حتى سمعه قبل وصوله لجنوده على ثلاثة أميال فأمكنه الكف.
{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ} فيه وجهان
أحدهما: شكر ما أنعم به عليه، قاله الضحاك.
الثاني: حفظ ما استرعاه، وهو محتمل.
{وَأدْخَلْنِي فِي رَحْمَتِكَ} فيه وجهان: أحدهما: بالنبوة التي شرفتني بها.
الثاني: بالمعونة التي أنعمت عليّ بها.
{فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} فيه وجهان
أحدهما: في جملة أنبيائك.
الثاني: في الجنة التي هي دار أوليائك.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8